الأربعاء، 22 أبريل 2015

مقالة الدكتور علاء صادق تهمي‮ ‬وروراوة.. الابن والأب والهروب

تهمي‮ ‬وروراوة.. الابن والأب والهروب

يعرف المصريون مثلا شعبيا قديما‮ (‬ما قدرش على الأب في‮ ‬الشارع‮.. ‬انتظر ابنه وضربه في‮ ‬الحارة‮) ‬يستخدمه الناس في‮ ‬حالات هروب شخص أو جماعة من مواجهة المسؤول الكبير أو القوي‮ ‬وإظهار القوة على الضعيف‮.‬


راودني‮ ‬هذا المثل الشعبي‮ ‬القديم عند متابعتي‮ ‬الأزمة الجارية في‮ ‬الشارع الرياضي‮ ‬الجزائري،‮ ‬هذه الأيام،‮ ‬حول تحديد ملعب المباراة النهائية لكأس الجزائر لكرة القدم المقرر إقامتها في‮ ‬الثاني‮ ‬من ماي‮ ‬المقبل بين فريقي‮ ‬مولودية بجاية وأمل الأربعاء‮.. ‬والتي‮ ‬تحولت إلى معركة خفية بين وزير الرياضة،‮ ‬محمد تهمي،‮ ‬تناصره اللجنة الأولمبية الجزائرية التابعة لسلطته وبين محمد روراوة،‮ ‬رئيس اتحاد الكرة‮.. ‬وكلاهما‮ ‬يحاول أن‮ ‬ينفض عنه تهمة الفشل في‮ ‬استضافة الجزائر نهائيات كأس الأمم الإفريقية‮ ‬2017‮ ‬التي‮ ‬أسند الاتحاد الإفريقي‮ ‬تنظيمها إلى دولة الغابون‮.. ‬رغم أن الطرفين ليسا مسؤولين مطلقا عن الفشل ولا‮ ‬يتحمل كلاهما وزرها‮. ‬والجميع‮ ‬يدرك حجم المؤامرات التي‮ ‬حيكت قبل اتخاذ القرار‮.. ‬ولكن كليهما أحس بضعفه في‮ ‬مواجهة عيسى حياتو رئيس الاتحاد الإفريقي‮ ‬في‮ ‬المواجهة الكبرى فاتجها معا إلى مواجهة صغرى محلية ليحقق أحدهما الفوز على الآخر‮.. ‬ويتجاوز بهذا الفوز الهزيل خسارته الكبرى وإحراجه أمام الرأي‮ ‬العام‮.‬
الاتحاد الجزائري‮ ‬لكرة القدم استبق الجميع بالإعلان عن إقامة المباراة النهائية على ملعب مصطفى تشاكر في‮ ‬البليدة وهو أجهز الملاعب حاليا وتقام عليه كل المباريات الدولية لمنتخب الجزائر منذ فترة‮ ‬غير قصيرة‮.. ‬وسبقت القرار زيارة استكشافية من روراوة وزملائه إلى ملعب الخامس من جويلية الخاضع للإصلاحات للتأكد من عدم جهوزيته لاستقبال اللقاء‮.. ‬وسعيا من روراوة إلى الاستقواء بالأندية التابعة للواء الاتحاد حرص بذكاء على استقبال أبوبكر إخلف وجمال عماني‮ ‬رئيسي‮ ‬ناديي‮ ‬مولودية بجاية وأمل الأربعاء في‮ ‬مقر الاتحاد‮.. ‬وأحسن استقبالهما وتهنئتهما وأقنع رئيس بجاية على التنازل عن طلبه بنقل المباراة النهائية للكأس من البليدة وقبول قرار الاتحاد‮.‬
ولكن رد الوزير جاء سريعا في‮ ‬لقائه مع منتدى المنظمة الوطنية للصحفيين الجزائريين مؤكدا على أمرين ناسفا بهما قرار روراوة واتحاده‮.. ‬وهما أن رئاسة الجمهورية هي‮ ‬صاحبة القرار النهائي‮ ‬والفاصل في‮ ‬تحديد ملعب المباراة النهائية للكأس وفقا للوائح والتقاليد‮.. ‬وتستعين رئاسة الجمهورية برأي‮ ‬اتحاد الكرة على الصعيد الاستشاري‮ ‬فقط‮.. ‬أما الأمر الثاني‮ ‬فهو الإعلان عن نهاية العمليات‮ (‬المزمنة‮) ‬في‮ ‬إصلاحات وتجهيزات ملعب الخامس من جويلية في‮ ‬العاصمة وهو أكبر ملاعب الجزائر‮.. ‬وأن الحكومة ستتسلم الملعب تماما في‮ ‬الأول من ماي،‮ ‬أي‮ ‬قبل‮ ‬يوم واحد من المباراة النهائية للكأس،‮ ‬مما‮ ‬يتيح للجميع فرصة الاحتفال به باستضافة نهائي‮ ‬الكأس كأول عرس رياضي‮ ‬على أكبر وأعرق ملاعب البلاد‮.‬
ونحو مزيد من الاستقواء بالحكومة التي‮ ‬يتبعها نجح تهمي‮ ‬في‮ ‬إقناع رئيس الحكومة عبد المالك سلال بإصدار قرار بإرسال مجموعة من مستشاريه إلى ملعب الخامس من جويلية للقاء إدارة الشركة الصينية المسؤولة عن التجهيزات والإصلاحات لاستطلاع الرأي‮ ‬الرسمي‮ ‬للشركة قبل إصدار قراره الفاصل‮.. ‬وازداد الاستقواء الحكومي‮ ‬باستعراض رسمي‮ ‬للقوى عبر الزيارة التي‮ ‬قام بها تهمي‮ ‬بصحبة عبد المجيد تبون وزير السكن والعمران واللواء عبد الغني‮ ‬هامل إلى ملعب الخامس من جويلية ولقائهم مع المسؤولين على أرض الواقع تحت مظلة تغطية صحفية وإعلامية مكثفة‮.. ‬وتبعها إعلان عبد المجيد تبون عن قناعته بإمكانية إقامة النهائي‮ ‬في‮ ‬العاصمة على ملعب الخامس من جويلية،‮ ‬بل أضاف أن استلام الملعب سيكون قبل خمسة أيام من حلول شهر ماي‮.. ‬وستكون تلك الفترة كافية لإخلاء الملعب ومحيطه من كل أعمال البناء والإصلاحات التي‮ ‬دامت طويلا‮.‬
السؤال الملحّ‮: ‬إلى أين تنتهي‮ ‬المعركة؟ وأين ستقام المباراة؟
الجمهور الجزائري،‮ ‬سواء الرياضي‮ ‬أم‮ ‬غير الرياضي،‮ ‬يترقب بلهفة نتيجة المعركة المحلية المؤسفة التي‮ ‬لن‮ ‬يخرج منها أي‮ ‬طرف فائزا‮.. ‬وستحل الخسائر بالكرة الجزائرية وبكل الأطراف بينما‮ ‬ينظر حياتو وأعوانه إلى المشهد ضاحكين شاكرين للجزائريين انشغالهم بهذه المعركة عن معركتهم الكبرى لاستعادة العدالة الضائعة فى الاتحاد الإفريقى لكرة القدم‮.‬
المحصلة والشاهد‮: ‬وفي‮ ‬النهاية،‮ ‬أرى شخصيا أن التدخلات الحكومية في‮ ‬ذلك الشأن الرياضي‮ ‬البحت لا تفيد أحدا ولكنها تضر بالجميع‮.. ‬ومن‮ ‬يدريك فقد‮ ‬يتفاقم الأمر ليطل الفيفا‮ (‬بعد الكاف‮) ‬بوجهه القبيح على الكرة الجزائرية بتدخل آخر‮.‬
أقولها بوضوح للسادة الأفاضل سلال وتبون وتهمي‮ ‬وهامل‮.. ‬عودوا إلى الحق‮.. ‬واتركوا العيش لخبازه‮.‬

0 comments

إرسال تعليق